النظام الحالي يراكم دوافع الثورة ضده بمعدلات متزايدة، وهذا لصالح رافضي الانقلاب.
لذلك سيحاول النظام في الفترة القادمة أن يبعثر هذا التراكم بأية وسيلة.
أي خروج عن السياق، سيقدم خدمة عظيمة للانقلاب لبعثرة ما تراكم حتى الآن بدماء وتضحيات، وسيعيد الثورة لمربعها الأول.
المزيج الحالي من: ( التأثر الشعبي بإخفاقات النظام الاقتصادية، ومستوى الفعل الثوري، والتحولات المستمرة داخل جبهة 3 يوليو، وفقدان الأمل في تغير إيجابي قريب ).. يمكن أن يبلغ مستوى “الكتلة الحرجة الثورية”، وهو الحد الأدنى الذي يضمن بدء “التفاعل المتسلسل” للعمل الثوري الشعبي دون توقف.
كانت الرؤية بعد الانقلاب مباشرة تستند على أن ردة الفعل الهائلة ضد الانقلاب ستكفي لردع النظام، لكن هذا لم يحدث.
فلم يعد متاحا إلا “الطريق الطويل” الذي يراكم دوافع الثورة عبر السنين، وهذا الطريق يحتاج إلى صبر وأناة، لكن قَدَّر الله سبحانه وتعالى أن يتسم أداء النظام بقدر أسطوري من الرعونة، لتتراكم الدوافع الثورية ضده بمعدلات متسارعة، وفرت على الثوار سنوات من الصبر.
لقد ضاعت فرصة الأشهر الأولى بعد الانقلاب، بسبب افتقاد الرؤية والعجز عن اتخاذ قرارات حاسمة، تلك الفرصة كانت “تاريخية” لأنها لم تكن مقيدة بقواعد اللعبة لاعتمادها على الزخم الغاضب وقتها وارتباك صف الانقلاب.
الآن فرصة أخرى تلوح في الأفق، لكن لابد من الالتزام فيها بــــ”قواعد اللعبة”، وأول قاعدة هي أن: الثورة الناجحة هي “ثورة الشعب” وليس ” ثورة فئة من الشعب”،
فالتحدي إذن هو تحويل “ثورة يقودها قطاع من الشعب” إلى “ثورة شعب”، والثورة تصبح شعبية عندما يشارك الشعب – بأعداد وتنويعات كافية- في فعالياتها، ولا يكتفي بمجرد تأييدها ضمنا، وبعض الدراسات تذكر أن الثورة الناجحة هي التي يشارك فيها 5% من إجمالي السكان كحد أدنى.
السر في هذه الفرصة – كما ذكرت سابقا- هو “مزيج المكونات الأربعة” الذي سيوصل إلى “الكتلة الحرجة الثورية”..
ستكون هناك استدراجات – واستفزازت – في الفترة القادمة، ومحاولات لتفكيك هذه المكونات حتى لا تتراكم – وتتوحد- آثارها، وقد يقدم الانقلاب تنازلات لأطراف معينة، وربما سعى لتغيير عنوان الصراع من جديد..
الأمر الذي يجب أن يستوعبه الثوار –الإسلاميون تحديدا بوصفهم من يتحمل الفعل الثوري حاليا- في هذه المرحلة، هو أنهم أحد المكونات الأربعة المؤدية لنجاح الثورة وليس كلها، وأن هذا النجاح لن يتحقق- والله أعلم- إلا بامتزاج هذه المكونات لتحقيق التفاعل المطلوب..
هذه هي قواعد اللعبة الثورية ..
اللهم قد بلغت ..
المصدر : صفحة الكاتب على الفيسبوك