حينما تآمر جنرلات العسكر على أول رئيس منتخب فى مصر و على ثورة 25 يناير، قاموا باختيار الشخص المناسب لهذه المهمة، الشخص الذى يجيد التلون والخيانة، انتخبوا أحدث ضابط دخل حظيرة المجلس العسكرى بضغط من المخلوع حسنى مبارك وربما بضغط أمريكى كذلك، واستطاع الخائن عبدالفتاح السيسى أن يدير المؤامرة ببراعة، بعد أن قرر جنرلات العسكر التخلص من “عواجيز المجلس العسكرى” وهما طنطاوى وعنان، بالطبع قام الرئيس مرسى بإقالة الرجلين بعد ثبوت تقصيرهما فى حماية الجنود والضباط المصريين فى رمضان على حدودنا مع الكيان الصهيونى، ولكن أناّ يكون له ذلك دون موافقة باقى جنرلات العسكر، ثم زجوا نفس الجنرلات بالخائن الأصغر وهو عبدالفتاح السيسى وتكليفه بمؤامرة الخيانة الكبرى للشعب المصرى والرئيس المنتخب وأعلن الرجل تصديه لهذه المهمة بعد أن أقنعوه الجنرلات أنهم خلفه وسيعاونوه على إتمام هذه المهمة القذرة حتى يستعيدوا السلطة من هذا المدنى الذى حصل على السلطة بالإنتخابات النزيهة والتى لم يكن مقدراً لهذا الأمر فى مخطاطتهم حين سرقوا مصر من مبارك ومن الثوار فى 11 فبراير 2011.
دفعوا الجنرلات بهذا السفيه من وجهة نظرى لأحد أمرين، أولا لو فشلت الخطة فيطاح به وهو أحدثهم وأرخصهم، وإن نجح فى تنفيذ المؤامرة فلا بأس أن يبقوا عليه قليلاً كى تتم كل الجرائم على يديه ثم يتم التخلص منه بالعديد من السيناريوهات، بالطبع هو الرجل الأضعف فى المجلس العسكرى، وينفذ ما يمليه عليه الجنرلات، ولكن تطورت الأمور ولم يستطع الخائن ولا شركائه السيطرة على البلاد بسهولة لأنهم وجدوا من يعيق مسيرتهم وخاصة أن الرئيس الشرعى لم يخضع لإستفزازهم ويستقيل أو يتنحى فيعطيهم البلاد على طبق من ذهب، وتترس بالشعب والشعب صمد و ناضل لصموده وتمسك بشرعيته رغم ما يلاقوه كل يوم من قمع و بطش وأحكام جعلت من القضاء المصرى أضحوكة يسخر منها القاصى والدانى.
شعر الخائن عبدالفتاح السيسى أن جنرلات العسكر انتوُا التخلص منه، ودائما الخونة لا يأمنوا لبعضهم البعض، فخنع للكيان الصهيونى وانبطح عل حساب كل شئ فى مصر، هجّر أهالينا بسيناء (رفح والشيخ زويد) قسرياً، قتل قرابة الألف برئ من أهليهم، شدد الحصار على أهلنا فى غزة وخاصة وقت غزو الصهاينة عليهم فى رمضان الماضى، أعلن الحرب على بدو سيناء كى ينشئ منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة إرضاءً للصهاينة، جعل من إعلامه أبواق تصب كل يوم وليلة جام الغضب على أهلنا فى غزة، شيطن حماس وجعلهم ألد أعداء المصريين، بل ألد أعداء الوطن العربى كله، ربما البشرية كلها، صب غضبه على الأمة الإسلامية كلها 1.6 مليار مسلم وصفهم بأنهم هم الإرهابيين الذين يريدوا تدمير العالم كله، انحاز بشكل فج إلى النصارى وأصبحوا هم أحبابه الذين يجب إطاعة أوامرهم ولو على حساب كل الشعب المسلم، أراد بكل ذلك الإحتماء بالصهاينة والنصارى حتى لا يفكر الجنرلات يوماً التخلص منه بعد أن أدى مهمته بإمتياز وهى التخلص من الرئيس المدنى المنتخب والزج بكل الإخوان ومعارضى الإنقلاب بغياهب السجون، وقتل أكثر من 7500 بريئاً منهم.
حاول التقرب إلى رجالات مبارك كى يقفوا معه فى مؤامرته على الشرعية وقد فعلوا، ولكن على ما يبدو أن الخائن السيسى لم ينفذ بقية الإتفاق و هو الإفراج عن مبارك وأبنائة وجميع رموزه، فما كان منهم إلا أن تخلوا عنه فى إنتخابات الرئاسة، فانكشف الرجل و بدا أنه بلا ظهير سياسى، اللهم إلا أسر ضباط الجيش والشرطة والراقصين والراقصات، ثم بدأ بإعادة التفاهم معهم وغير خطته فأفرج عن مبارك وأبنائه وجميع رموز مبارك، ولكن عندما ظن مبارك وأولاده أنهم سوف يستعيدون أمجادهم فيما قبل ثورة 25 يناير، أعاد محاكمة مبارك وأبنائه مرة أخرى وخاصة عندما ظهر جمال وعلاء فى المحافل العامة وكأنهم استعادوا سلطتهم وكأن السيسى غامر بإنقلابه لحساب مبارك وأبناءه، وبالطبع نفس الوتيره أحمد عز، مع العلم أن مبارك وأبناءه وكذا أحمد عز وجميع رموز مبارك لم يخرجوا من السجون مجاناً.
أكاد أجزم بأن هذا الخروج المشروط لم يكن مجاناً، ولكن كان مقابل مليارات كثيرة، وسبق وأن ذكرت أن أحد رجال الأعمال التابعين لنظام مبارك والمعروف عنه بالتعامل مع الصهاينة تجارياً على مستوى عال جداً قد عرض على الرئيس مرسى عن طريقى أنا شخصياً مائة مليار لإخراج مبارك وأبنائه، فرفض مرسى وترك أمره للشعب والقضاء الذى ظن أنه عادلاً حتى يقتص منه لحقوق الشعب المغبون طيلة ثلاثة عقود، لكن سرعان ما شدد السيسى قبضته على مبارك و أبناءه حتى اختفوا من المشهد العام وكذلك كل رجالات مبارك.
يبقى الآن المهمة الصعبة لجنرلات العسكر للتخلص من أداة الخيانة التى استعملوها وهو عبدالفتاح السيسى، حين أصبح السيسى متترساً بالكيان الصهيونى و أمريكا من خلفهم، حتى أصبح السيسى الآن البطل القومى لدولة إسرائيل كما يزعمون، و خرج إيهود باراك إلى كل العالم الغربى يطوفه شرقاً وغرباً مطالباً المجتمع الدولى بالوقوف بجانب السيسى وبدعمه على كل الأوجه، وأكد هذا الكلام مستشار الأمن القومى للكيان الصهيونى منذ أيام، بل واللوبى الصهيونى بالكونجرس الأمريكى و الإتحاد الأوربى؛ كما أنه فى أحد قنوات التلفاز الصهيونية تم إعلان أن جيش الحرب الصهيونى دخل إلى سيناء لمحاربة الإرهاب و أن الجيش المصرى عاجز عن السيطرة على سيناء.
المعضلة الكبرى الآن أمام السيسى هى جنرلات العسكر الذين يخططون للتخلص منه، ولكن يقف الكيان الصهيونى للحفاظ عليه، وكذلك الحراك الثورى الداخلى والخارجى الذى لم يهدأ يومأ منذ أن انقلب على الرئيس المنتخب، وكذلك الرئيس مرسى الذى أصر على الصمود ولم ينحنى لكل الضغوط التى واجهته من الإتحاد الأوربى وكذلك أمريكا للتنحى حتى ينفرد السيسى بما يسميه الشرعية.
التكهنات بسيناريو التخلص من السيسى كثيرة، ولكن الخائن يحاول أن يتخلص من الرئيس الشرعى للبلاد بكل الطرق و إستعجال القضاء خاصة محاكم النقض أن تتعجل فى تنفيذ حكم الإعدام حتى ينتهى من صداع الشرعية و سرقة السلطة بالدبابة، و لكن هل ظن هذا الخائن أن البلاد ستهدأ بعد أن يقدم على إعدام مرسى أو المرشد العام للإخوان المسلون وأعضاء مكتب الإرشاد والعديد من قيادات الإخوان ورافضى الإنقلاب، أظن أن الرجل واهم و من يسانده فى هذا المشروع الدموى يمتاز بغباء سياسى بلا حدود، ولم يقرأوا التاريخ أو يتعلموا مفردات السياسة وأنهم يستعينوا بجهلاء القوم لا بأذكياهم للخروج من هذا المأزق.
وهنا استوقفنى مشهد زيارة الخائن إلى ما أسماه إعلانه الكاذب غرفة عمليات شمال سيناء دون أن يصاحبه فى هذه الزيارة الهامة وزير دفاعه ورئيس الأركان، وظنى أنه لم يتحرك من القاهرة، وإن قبلنا بهذه الرواية فمن هم هؤلاء الذين كانوا يرتدون السواد ويحيطونه بشكل هيستيرى، هل لا يأمن الخائن على روحه وهو وسط رجاله وعشيرته الذى عاش بين ظهرانيهم أكثر ثلاثة عقود ونصف، إذن بمن يستعين هذا الخائن لحراسته، هل يستعين بفرق التحرك السريع، أم بمن !!! .. هل يستعين بالشرطة لحمايته من عشيرته بالجيش !!! هل يستعين بشركات أجنبية ربما صهيونية أو أمريكية لحمايته من أهله و عشيرته بالجيش، أو من أعداؤه الذين يكثرون يوماً بعد يوم، علامة إستفهام كبيرة.
لكن الأيام حبلى بكثير من الأسرار التى تحوم حول الرجل وعصبته، ويبقى السؤال، متى يتفق الفرقاء على التخلص من المكلف الخائن، وما هو السيناريو، وهل سيقبل الكيان الصهيونى تحت ضغوط الإدارة الأمريكية وربما بعض دول الخليج ( أصحاب شكاير الرز) التخلص من الذى دعم الثورات المضادة بمصر وليبيا واليمن ومازال يدعم نظام البشار وغيره من أنظمة أعداء الربيع العربى.
هل يضيق الحصار على السيسى بعد أن خشى الذهاب إلى جنوب إفريقية ثم تردده من زيارة بريطانيا، وشعر الرجل أنه لن يفلت بجرائمه، لا أدرى ما يقول له مستشاريه، هل يبيعون له الوهم كما يفعل الإعلام المصرى الآن و يشبهونه بأنه منقذ مصر من الإخوان و من الإرهاب و من الحروب الأهلية و الإنقسمات المزعومة للشعب المصرى، وماذا عن الفتنة الطائفية؛ وماذا عن الفشل الإقتصادى والديون الداخلية التى بلغت 2 تريليون و 200 مليار جنيه والدين الخارجى تعدى الـ 54 مليار دولار، البطالة تعدت الـ 25% و خاصة بعد عودة عمالنا بليبيا واليمن، وغلق أكثر من 5000 مصنع وشركة خاصة المملوكة للأخوان أو داعميهم.
ويقفذ الرجل وعصبته من فشل إلى فشل، ولا يجد من يستوقفه نتيجة الرعب الذى خيم على البلاد، و لا يستطيع أى إنسان بالتفوه بحرف ضد السيسى أو أفعاله أو مجلس العسكرى و جنرالاته أو حتى رجال الشرطة بمختلف رتبهم، أصبحت مصر دولة الخوف بإمتياز، دولة بوليسية و عسكرية بإمتياز .
و الآن أقول هل حان الوقت لجنرلات المجلس العسكر أن يأكلوا بطلهم الذى صنعوه من العجوةكما تخلصوا من شركائه المنفذون للمؤامرة وزير داخليته محمد إبراهيم ثم النائب العام، حتى يستوقفوا اقتياد البلاد إلى الهاوية و هم ضمن ركاب هذه السفينة التى يقودها أخرق، و بالطبع هذا الأخرق هم الذين صنعوه، أو بشكل آخر هم الذين”حضّروا العفريت” فهم المسئولون عن صرفه، أما إذا كنا نتساءل عن طريقة صرفه، فلن يغلب جنرلات العسكر و من خلفهم الأمريكان فى كتابة السيناريو المناسب للتخلص من هذا الأخرق، و تبقى إشكالية من هم متمسكون به بإصرار وهم قيادات الكيان الصهيونى، أو هل السيسى ومن خلفه من الصهاينة أو الأمريكان أو حتى دول الخليج المساندة له قادرون على تمكينة من أن يتغذى السيسى بجنرالات العسكر قبل أن يتعشوا به، أعتقد أن حل هذه المعضلة كذلك سوف ينطلق من البيت الأبيض.
وفى نهاية سطورى أقول: هل سيقف المجتمع الدولى مكتوف الأيدى حتى يصل السيسى وعصبته بمصر إلى الهاوية أم أنهم ينتظرون ساعة الصفر لإطلاق سيناريو آخر بعيداً عما نفكر فيه؟، ولكن بعد كم ألفاً من القتلى، وكم ألفاً من ضحايا التعذيب فى السجون، وبعد أى مرحلة من الإنهيار فى الإقتصاد وفى حقوق الإنسان وفى القضاء وفى السياسة الخارجية والسياحة، وفى إزدياد نسبة البطالة بشكل مرعب، وإن كنا ننتظر، أن يأتينىا الحل لهذه الكوارث من الخارج، فهل هذا يكفينا، أم أن الحراك الداخلى و الخارجى ضد النظام الإنقلابى يكفى لكسر هذه العصابة ومن خلفهم، والسؤال لماذا يصم المجتمع الدولى أذانه ويغلق أعينه على كل الجرائم التى يرتكبها السيسى وجنرلات العسكر والشرطة بمصر؟!