أكتوبر 2, 2023

حدث في يوم المذبحة .. بقلم: وليد شرابي

حدث في يوم المذبحة .. بقلم: وليد شرابي

ذكريات وحكايات رابعة لن تنتهي وكلما أطلق من عاشوا هذه الأيام العنان لذاكرتهم فإن المرء سيذكر أشياء وأشياء وكلما دققت النظر في تفاصيل الأحداث وجدت أشياء جديدة قد تكتشف لأول مرة ،ومن بين هذه الذكريات ما تم مع صديق لي يعمل مهندس بترول في احدى الدول الغربية منذ سنوات فهو لا يعاني ضيق في حياته ويسر الله له الكثير من أموره إلا أنه ابى إلا أن يترك المال والأولاد والعمل ويأتي إلى مصر وتحديدا في مقر الاعتصام داخل ميدان رابعة العدوية حتى وصلنا إلى يوم المذبحة. اقتحمت قوات من القتلة أطراف الميدان مسلحين باسلحتهم الألية التي ينهال منها الرصاص الحي على المعتصمين فتم محاصرة صديقي ومعه آخرون أمام إحدى البنايات على أطراف الميدان
وقوات من الجيش والشرطة يصوبون أسلحتهم ويقتلون منهم بدم بارد ،ومع اقتراب القوات وزيادة اعداد القتلى اضطر من بقي منهم إلى الدخول في مدخل هذا العقار (العمارة) الا ان قوات الشرطة لم تترك من داخل العقار وشانهم فاقتربت أكثر وأكثر وبالفعل قتل العديد داخل مدخل العقار ومع اقتراب دخول الشرطة إلى العقار اضطر صديقي إلى الصعود إلى الطابق الأول ومعه بعض الشباب وبقي آخرون رفضوا الصعود إلى الطابق العلوي وما هي إلا لحظات قليلة حتى سمع صديقي ومن معه أن من هم في الطابق الأرضي تتم تصفيتهم بدم بارد فطرق صديقي ومن معه أبواب الشقق السكنية في الطابق الأول لعلهم يجدوا من يفتح لهم فيحتموا داخل شقته من الموت القادم إلا أن أحدا لم يفتح باب شقته فاضطر صديقي إلى الصعود إلى الطابق الثاني بسرعه ومعه ثلاثة فتيان ،وكما حدث في الطابق الأول حدث في الطابق الثاني ولم يفتح أحد فأمر صديقي أحد الفتيان بأن يكسر باب إحدى الشقق بينما صديقي سيراقب السلم لمعرفة حركة أفراد الشرطة فتردد الفتى عن تنفيذ أمر صديقي الذي نهره ثم قام الفتى بكسر الباب ،وبسرعة دخل صديقي ومن معه من الفتيان إلى الشقة واغلقوها على أنفسهم لحظات وبدأ أحد أفراد الشرطة ينادي من امام الباب (لو في حد عنده حد غريب يقولي علشان نقبض عليه ومافيش أي مشكلة مع صاحب الشقة) صديقي يقف خلف الباب ومعه الفتيان ولا يمكن أن تسمع لهم إلا نبض قلوبهم ،كرر افراد من الشرطة النداء عدة مرات ثم انصرفوا ،وبدأ الجميع يلتقط أنفاسه واكتشفوا أن الشقة لا يوجد بها أحد وبقي صديقي الذي يبلغ من العمر ثمانية وأربعون عاما داخل الشقة ومعه ثلاثة فتيان اكبرهم عنده تسعة عشر عاما وجدوا الشقه مرتبة ومنظمة وصورة الزوج و زوجته المحجبة يوم عرسهما في الصالة والمصحف الكبير موجود في مكان مميز وسجادة الصلاة مطوية على إحدى المقاعد بينما قوات الشرطة تمركزت أمام العقار (بيلموا الجثث) أمر صديقي الشباب بعدم الدخول إلى غرف النوم وان يقضون بقية يومهم وليلتهم جلوسا في الصالة أو نوما على الأرض .
بعد ذلك بدأ التعارف بين صديقي ومن معه ولم يكن صديقي هذا يتبع أي جماعة دينية في حين أن الثلاثة فتيان هم من شباب الإخوان المسلمين
ثم سأل صديقي الشباب الذين معه ما قيمة إصلاح باب الشقة الذي كسرناه فأجابه أحد الشباب أن الذي كسر هو قفل الباب والباب نفسه سليم وان القفل الجديد على أكثر تقدير بمائتي جنيه فأخرج صديقي من جيبه ستمائة جنيه ووضعهم اسفل الهاتف الأرضي الموجود في الصالون واتصل من هذا الهاتف برقم هاتفه المحمول لكي يتمكن من الاتصال بأصحاب الشقة بعد ذلك .
أمضى صديقي ورفاقه ليلتهم وفي الصباح لم تكن هناك قوات للشرطة اسفل هذا العقار فإنصرفوا في هدوء واحدا تلو الاخر وكان صديقي هو آخرهم في الانصراف وفي نفس اليوم عاد إلى الدولة التي يعمل بها ،ومر ما يقرب من أربعة أشهر على هذا الحدث وأثناء زيارة لصديقي في القاهرة اتصل برقم الشقة التي احتموا داخلها فردت سيدة شرح لها صديقي ما حدث يوم المذبحة ولماذا كسروا باب شقتها وهي تسمع بانصات تام دون ان تقاطعه ثم سألها هل استلمتي الستمائه جنية اسفل الهاتف الأرضي ؟ هنا كانت المفاجأة الصادمة لصديقي أخبرته السيدة بأنها لم تجد شئ وانا الشقة تم سرقة كل محتوياتها ولم يبقى داخل الشقة أي شئ !!!
لم يتوقع صاحبي هذا الرد إلا أنه قال لها انه يتحمل المسئولية كاملة وسألها ما هي قيمة كل ما سرق وانا سارسل لك أي مبلغ تطلبيه.
فسألته هي هل أنت من الاخوان المسلمين ؟ ارتبك صديقي بالرغم انه ليس من الاخوان المسلمين ولكنه ظن أن هذه السيدة تريد أن تتهم الإخوان المسلمين بسرقة شقتها فأجابها لا انا لست من الاخوان المسلمين .
فسألته السيدة وهل بقية من كانوا معك من الاخوان المسلمين؟ لم يستطيع صاحبي أن يكذب واخبرها انهم ثلاثة شباب من الاخوان المسلمين . فإذا بالسيدة تضحك وتقول انا كنت أشك قبل اتصالك في حارس العقار انه هو الذي سرق الشقة والان تأكدت أنه هو الذي سرقها لأن الإخوان المسلمين ليس من بينهم لص ثم قالت له وفر مالك وبارك الله لكم ورفع عنكم الظلم انا سعيدة انكم استخدمت شقتي حتى بعد سرقتها لأنني الآن أشعر أنني شاركتكم الثواب. ‫#‏وليد_شرابي‬

المصدر : فيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *