د/ عناية الله أسد سبحاني
كاتب ومفكر هندي .
مهلاً مهلاً! يا خادم الحرمين!
إياك إياك! يا خادم الحرمين! أن تقف موقفا يتنافى مع عظمة الإسلام، وعظمة الحرمين الشريفين!
إياك إياك! يا خادم الحرمين! أن تقف موقفا يأباه الله والرسول، ويتعارض مع طبيعة دين الله!
إياك إياك! يا خادم الحرمين! أن تقف موقفا ينكّس رؤوس المسلمين، ويجلّلهم الخزي والعار إلى أبد الآبدين، ويجعلهم أضحوكة من الأضاحيك أمام الأعداء الماكرين الحاقدين!
فأنت عزيز بعزة الإسلام والمسلمين، يا خادم الحرمين! وإذا هان الإسلام وذلّ المسلمون، فالأعداء يدوسونك ويدوسون أحلافك بأقدامهم ونعالهم، كما فعل التتار بخليفة المسلمين في بغداد!
وليست هذه قصة بغداد فقط، فتاريخ المسلمين حافل طافح بمثل تلك العبر.
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (سورة القمر:5)
ولقد قال الخليفة الراشد سيدنا عمر بن الخطاب كلمة فيها إيمان وإشراق، وهي كلمة تستحق أن تكون محفورة في قلب كل ملك مسلم: أعزّنا الله بالإسلام، وإذا ابتغينا العزة في غير الإسلام أذلّنا الله.
ما هذه الأنباء المشؤومة؟ يا خادم الحرمين!
ما هذه الأنباء التي تبكي عيوننا، وتدمي قلوبنا، وتفتّت أكبادنا؟ يا خادم الحرمين!
ما هذا التحالف الممقوت الذي تمّ بينكم وبين الدول المجاورة ضد الدولة الشقيقة-دولة قطر ؟ وذلك من غير ذنب ومن غير مبرّر! وإنما هوتحريض وتخطيط من أعداء الله، الذين يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون.
شهد الله يا خادم الحرمين! أننا معشر المسلمين في الهند قد غشيتنا موجة الغبطة والفرح والسرور،حينما حملت إلينا الأنباء أنك شغلت مكان سلفك الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد وفاته، وأصبحت عاهل المملكة العربية السعودية. وما كانت هذه الغبطة والسرور إلا لما كنا نعلم من صلاحك وخشيتك لله، وحبك لكتاب الله، وغيرتك في دين الله، وحرصك الشديد على مصلحة الإسلام والمسلمين.
وليس ذلك مما يخصّ المسلمين في بلاد الهند، فالمسلمون الصالحون في كافة أنحاء العالم كانوا فرحين مسرورين لمقدمك الميمون، وكانوا يتمنون لك كل خير، وكل سعادة، وكل هناء. وكانوا يرجون منك مالا يرجون من غيرك من الملوك والأمراء.
ولقد صُدم المسلمون بموقفك هذا، يا خادم الحرمين! بقدر فرحهم وغبطتهم في وقت قعودك مقعد الملك، وتسلمك مقاليد السلطة والرئاسة.
صدّقني يا خادم الحرمين! أن هذا التحالف الذي أنجزتموه تحالف عربي صهيوني، وليس تحالف المسلمين. ولن تجني من هذا التحالف إلا الذلّ والعار، ولن تجني منه إلا الخيبة والندم، فالذي يزرع الشوكة لايجني العنب.والمستفيد الأول و الآخر من هذا التحالف هو إسرائيل، ومن وراء إسرائيل!
فإسرائيل تكاد تطير فرحا بهذا التحالف المشؤوم، والمسلمون كأنهم يشربون كؤوسهم ممزوجة بدمائهم، ففي الصدور حزازة وفي القلوب غصة!
يا خادم الحرمين! كيف سمحت نفسك أن توقع على هذا التحالف البغيض، وأنت رجل تقيّ حافظ لكتاب الله، وكتاب الله يحذّرنا الكفار، ويحذّرنا اليهود والنصارى، ويقول بلفظ صريح لالبس فيه ولا خفاء:
لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (سورة آل عمران:28)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (سورة المائدة: 51)
ننصحك نحن معشر المسلمين يا خادم الحرمين! ألا تعرض نفسك لسخط الله، وكن جريئا في وجه أعداء الله، والذي يركع لربه لايركع للطغاة، والذي يعتصم بحبل الله لايضره الأعداء إلا أذى.
كن عونا وعضدا للصالحين يا خادم الحرمين! ولاتشدّ أزر المجرمين والمفسدين والطغاة، وتذكّر يوما لاينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
هذا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين